شؤون حياة العصرية جزء/7
تصرفات وظواهر غير مقبولة في مجتمعنا
بقلم يوحنا بيداويد
1/1/2022
ن
ملاحظة
نشر هذا المقال في العدد 33 من نشرة “نسمة الروح القدس” التي تنشرها ارسالية الروح القدس للسريان الكاثوليك في ملبورة
لكل مجتمع روابط ومقومات (مباديء مشتركة) تقوم عليها بنيته، فهي تعمل على جمع افراده على بضع (قيم) متفق عليها عبر اسلاف سابقة. هذه المباديء
، هي ضرورية جدا في مسيرة حياة كل فرد من اي مجتمع كان، لهذا نجد ان ظاهرة رغبة الانتماء او امتلاك هوية اجتماعية(قومية او دينية) هي غريزية!!. هذ الروابط لها اهمية كبيرة في ووجودها او بقائها، بكلمة اخرى مصيرية، مثلما تكون متانة اي بناية معتمدة على قوة اساسها، بدون وجود هذه المبادئ او المرجعيات المشتركة (القيم

او المبادئ) بين اي كتلة بشرية، لايمكن اطلاق عليها مجتمع.
من هذا المنطلق يمكن القول ان لمجتمعنا المسيحي الشرقي (بمختلف قومياته او تسميات كنائسه) هوية خاصة به بالاضافة المجتمع الشرقي، تعتمد على بنية خاصة به مثل (قواعد وقيم معتمدة على التعاليم المسيحية واخرى تاريخية تعود لعرقها)، اندمجت العادات وقيم الحضارات والثقافات القديمة المتوارثة عندهم مع قيم الديانة المسيحية، التي ترسخت اكثر فاكثر تحت تاثير التعليم الديني والطقوس التي يمارسونها بسبب العبادة والتقوى.
لكن خلال القرن الاخير تعرضت المسيحية الشرقية الى نكبات متتالية من مذابح ومجازر الحرب العالمية الاولى ثم الهجرة القسرية التي تلتها، الحروب والوضع غير المستقر بسبب الصراعات الطائفية والقومية والمذهبية في الشرق الاوسط، ثم تلتها في النصف من القرن العشرين الهجرة من القرية الى المدينة. اجتمعت تاثيراتها معا مع قوانين الحضارة المدنية الجديدة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي سببت فيضان معرفي عالمي، فكانت نتيجته ظهور تصدعات في جدار البناية نتيجة تآكلها تحت تاثير العولمة وضروريات الحياة اليومية الجديدة.
رغم انني من المؤمنين بان الحياة تستمر وتشق طريقها الى الامام تحت قيادة الوعي الجمعي (العقل الكلي على غرار قول افلوطين) نحو افضل دائما، لكن هناك حقيقة لا يمكن اغفالها، اننا اقلية مضطهدة واقلية مهاجرة كانت وستكون الضغوط علينا اكثر قساوة.
هنا نسرد بعض ظواهر ومواقف وتصرفات دخيلة على المجتمع المسيحي الشرقي في الوطن والمهجر، اعتقد يمكننا تفاديها ولا نقع فيها. يجب ان نشعر بمسؤولية اخلاقية جماعية والا سنخسر وديعة الاباء والاجداد، هذا الموقف ليس نابع من الروح الرجعية وانما من الوعي العميق الذي يمتلكه كل الشعوب او الاقوام او الجماعات البشرية.
من اهم هذه الظواهر والمواقف :-
- كانت فرحنتا كبيرة في العام الماضي بنتائح طلاب الاعدادية وتحقيقهم معدلات عالية، لكن في مقارنة بسيطة لاعداد طلبتنا الذين عبروا مرحلة الاعدادية، قليل منهم يدخلون الجامعات لحد الان، السبب كان ولازال السبب الرئيس عدم متابعة الاباء لاطفالهم في عمل الواجب المدرسي، عدم وضع بذرة الطموح وحب التعليم فيهم، بالعكس بعض الاباء يحملون المدرسين المسؤولية في تدني المستوى التعليمي لابنائهم فيما بعد، كذلك الكثير من الاباء يقفون بصف ابنائهم رغم انهم يعرفون ان ابنائهم مخطؤون وان تصرفاتهم ومواقفهم غير صحيحة.
- ظاهرة التدخين في ساحة الكنيسة قبل دخول القداس او الخروج قبل انتهائه، ونفس الحال احيانا تحصل في المقابر التي لا تليق بهذه الامكان.
- حضور القداديس بملابس غير لائقة بالاخص من قبل الاناث رغم تكرار اباء الكهنة لهذه الظاهرة، كذلك نلاحظ دخول بعض الذكور واياديهم في جيوبهم بدون اي خشوع كأنما يسيرون في حديقة او في سوق.
- رغم انني من المؤيدين لاقامة مهرجانات الشيروات (اعياد القديسين) وظاهرة الاكل الجماعي في الشيروات والتعازي، لكن اظن كثيرون يتفقون معي، ان التزاحم والتدافع على الطعام ظاهرة سلبية لا تليق بتاريخنا ولا بحضارتنا ولا بعاداتنا ولا بمناسباتنا .
- كثير من الاحيان نرى بعض الاخوة يلتزمون بالقيم والنظام الاسترالي حينما يكونون في الوسط الاسترالي، بينما ينسون ذلك ويعودون الى عدم الاتزام بالنظام حينما يكون الامر متعلق بين انفسهم، مثال على ذلك، حينما يقدم وفد من السفارة العراقية لتصديق الوثائق الى ملبورن.
- ظاهرة النميمة والتسقيط والتلفيق بحق الاخرين مجالسنا من دون وجود دليل، عادة سيئة جدا، بل غير اخلاقية، ليتصور كل واحد نفسه، ان الاخرين يتحدثون عنه بنفس الطريقة.
- في بعض الاحيان، الاحظ ايضا ان الحديث ينقلب فجاة عن الكنيسة ورجالها، تبدا بتوجيه الانتقادات والتسقيط والتلفيق والتسخير امام اطفالهم، وينسون التحدث عن الايجابيات التي تقوم بها الكنيسة ماعدا الجانب الروحي، دورها في التربية والتعليم ومساعدة الفقراء وتقيدم الخدمات في الازمات مثل (هجرة اهالي الموصل الى عنكاوا).
- هناك ظاهرة غريبة هي نبذ القيم والعادات والتقاليد التي ورثناها، بغض النظر عن ايجابيتها اوضرورتها او الحاجة الجماعية لبقائها، و يتم تبني واكتساب او قبول القيم والعادات الاجتماعية لمجتمعات احديثة مهما تكون سئية.
- من الامراض الفتاكة التي اصابت مجتمعنا لاسيما في المهجر، كثرة حالات الطلاق لاسباب تافهة، وغير ضرورية والضحية عادة ضياع مستقبل الاطفال، بكلمة اخرى الاطفال وحدهم يدفعون الثمن، طبعا السبب الرئيسي هو عدم التزامنا بالقواعد وقيمنا وتعاليم الكنيسة.
- ظاهرة استخدام الموبايل داخل الكنيسة او التصويرعن طريقه اثناء ممارسة الاسرار (الزواج والتناول والعماذ والجناز) او عدم وضعه في حالة الصمت.
- هناك نسبة عالية من ابناء شعبنا (شباب) منخرطين في اعمال او افعال سيئة مثل السرقة وتناول المخدرات والتعدي على ممتلكات الاخرين. كثير من الاباء والامهات رغم معرفتهم بمشاركة ابنائهم بمثل هذه الاعمال السيئة (الجرائم) لا ينصحون ابنائهم ولا يحاولون ايقافهم.
في الختام اود ان اوضح ساتناول الايجيابيات الكثيرة التي يمتلكها او قام بها ابناء شعبنا في المهجر. كما انني اود ان اشدد لم اعني ايشريحة او مجموعة او شخص معين في هذا المقال، هدفنا دائما توعية مجتمعنا على عدم الوقوع في الاخطاء لتي تحصل في مجتمعنا، اظن هذه هي مسؤولية مجلاتنا وكتابنا و النخبة المثقفة في مجتمعنا بصورة عامة، لان نشر التوعية كي نقلل الاخطاء.
